التقى حمدين صباحى، المرشح الخاسر فى الانتخابات الرئاسية، بوفد من مركز كارتر لمراقبة الانتخابات مساء أمس الاثنين بأحد فنادق وسط القاهرة، حيث تواجد الوفد بالقاهرة لمتابعة الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وتناول اللقاء بشكل رئيسى المستجدات السياسية على الساحة، واستعراض رؤية صباحى لها ولتفاعلات المرحلة المقبلة، خاصة فى ظل المؤشرات شبه النهائية لنتائج الفرز لجولة الإعادة، التى ترجح إعلان فوز الدكتور محمد مرسى مرشح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين لرئاسة الجمهورية.
وحضر اللقاء النائب عن ولاية جورجيا الأمريكية جيسون كارتر، وعبد الكريم الأريانى رئيس الوزراء اليمنى الأسبق، ومروان المعشر نائب رئيس مركز كارنيجى، ووزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء الأسبق بالأردن، كما حضره سان فاندنبرج الباحث بمركز كارتر، وروبرت مالى مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية، بالإضافة إلى حضور عدد من أعضاء حملة صباحى، وهم حسام مؤنس المنسق العام للحملة، ومصطفى شومان وأشرف حصافى من قيادات شباب الحملة.
وقال حمدين صباحى خلال اللقاء المغلق الذى جمعه بوفد مركز كارتر: إن ما تمر به مصر حاليًّا هو نقطة فى مسار لم يصل لنهايته بعد، وإنها لحظة مناسبة لتأمل علاقات القوى وتوازناتها ومقاصد كل منها، مشيرًا إلى أن نتائج الانتخابات فى جولة الإعادة تؤكد أن مصر فُرض عليها خياران لا يعبران عن شخصية مصر ولا عن ثورتها، وأن الشعب وجد نفسه أمام اختيار إعادة إنتاج النظام السابق أو اختيار شريك فى الثورة أراد الانفراد بها وحصد مكاسب السلطة منها وحده بعيدًا عن باقى الشركاء.
وأكد صباحى على أن الرئيس المقبل سيكون رئيسًا ضعيفًا بحكم هذا الاتجاه فى الرأى العام الذى اختار أحدهما رفضًا للآخر، وبحكم نص الإعلان الدستورى المكمل الذى قلص صلاحيات الرئيس، مشددًا على معارضته لنص الإعلان الذى يشير لتغول المجلس العسكرى وهيمنته، وهو الأمر الذى لا بد من الوقوف ضده.
وقال حمدين ردًّا على أسئلة الحضور حول رؤيته للمستقبل وما ينوى فعله إنه يسعى لبلورة تيار شعبى منظم يقود معارضة شعبية قوية، تمنع تحول مصر لدولة على هوى جماعة الإخوان المسلمين، وترفض استمرار عسكرة مصر، مؤكدًا أن من أرادوا الثورة وسعوا لها فعليهم استكمالها، وأن ذلك سيكون عبر حشد الجهود وتوحيد الصفوف فى أطر تنظيمية شعبية تستعد للانتخابات البرلمانية والمحلية المقبلة، مشيرًا إلى وجود حوار متصل مع جميع شركاء الثورة والقوى الوطنية، وأن جزءًا من هذا الحوار اتصالات مع الدكتور محمد البرادعى وكيل مؤسسى حزب الدستور، مضيفًا أن ما يدعو له هو تيار واسع منظم، قد يكون حزبا الكرامة والدستور حجرى أساس فيه، لكنه لن يقتصر عليهما وسيتسع ليشمل كل القوى المدنية والثورية ورموزًا وطنية وشخصيات عامة من المنتمين إلى التيار اليسارى والقومى والليبرالى، مثل الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى بقيادة الدكتور محمد أبو الغار، وحزب التحالف الشعبى الاشتراكى بقيادة عبد الغفار شكر، وائتلافات الشباب والحركات الثورية.
وأشار صباحى إلى أن تحالف كل هذه النخب والقوى مهم فى إطار بناء تحالف سياسى واسع وقوائم انتخابية موحدة للانتخابات المقبلة، مؤكدًا على أن الأهم هو بناء قواعد اجتماعية وشعبية للتيار الجديد بشكل منظم، متوقعًا أن يكون حلفاؤه فى هذا التيار ممن صوتوا له ولغيره من مرشحى الثورة، فى قطاعات الفلاحين والعمال وصغار الموظفين والطبقة الوسطى وقطاعات من الطبقة العليا فى مصر والحرفيين، وأن يكون حلفاؤه سياسيًّا هم كل القوى الرافضة لهيمنة الإسلام السياسى والرافضة لهيمنة المجلس العسكرى أو إعادة إنتاج النظام السابق.
ونفى صباحى خلال اللقاء ما تردد عن اصطفاف القوى المدنية خلف المجلس العسكرى، قائلاً: إن هذه القوى تعارض كلا الطرفين بنفس القدر، وإنها حاولت الاصطفاف مع الإخوان كشركاء فى الثورة من قبل، لكن طمع تيار الإسلام السياسى فى السلطة أفشل تلك المحاولات، مضيفًا أنه ربما تجد القوى المدنية أحيانًا هدفًا مشتركًا يحققه لها المجلس العسكرى بقراراته، مثلما يجرى الآن بالعودة لأن يكون الدستور أولاً، كما سبق وطالبت تلك القوى.
وفيما يتعلق بالدستور الجديد قال صباحى: إن هناك احتمالاً لصدور حكم قضائى بحل الجمعية التأسيسية الحالية، وإن هناك محاولات ومشاورات تجرى الآن للاستقرار على مقترح توافقى بمعايير وتشكيل الجمعية التأسيسية. رافضًا انفراد المجلس العسكرى بالقرار فى هذا الشأن، انطلاقًا من مبدأ "لا هيمنة ولا إقصاء لأى طرف". مضيفًا أنه رغم معارضتهم المبدئية الواضحة لقرار الإعلان الدستورى المكمل فإنه ينبغى الإشارة إلى أن المادة 60 "مكرر" منه - رغم كل القلق المشروع منها - قد تمثل ضمانة للحفاظ على مدنية الدولة فى الدستور المقبل.
أما فيما يتعلق بوضع الجيش فقال صباحى إنه يكن احترامًا وتقديرًا خاصًّا لدور الجيش كمؤسسة وطنية فى تاريخ مصر الحديث منذ ثورة 23 يوليو 1952م، لكنه يدرك أن هناك فارقًا جوهريًّا بين ثورة الضباط الأحرار فى 1952 وبين ثورة الجماهير الأحرار فى 2011، وهو مع أن يكون للجيش المصرى دور وحيد ومحدد، وهو حماية أمن البلاد وحدودها، دون أن يكون له أدنى علاقة بالشأن الداخلى والتدخل فى السياسة الداخلية، مؤكدًا على ضرورة أن تكون المؤسسة العسكرية مؤسسة فى إطار الدستور الجديد للبلاد، وليس لها صلاحيات فوق المؤسسات المنتخبة، رافضًا أن تتم إعادة إنتاج أوضاع تجعل مصر شبيهة بالنموذج التركى.
وتوقع صباحى أن يكون الرئيس الجديد رئيسًا مؤقتًا، مشيرًا إلى أن مصيره سيكون بيد الجمعية التأسيسية وما تقرره من نصوص فى الدستور، وأنه ما لم يكن هناك نص واضح فى باب الأحكام الانتقالية بالدستور الجديد يؤكد استمرار الرئيس لحين انتهاء مدته؛ فإنه من الأرجح أن يعاد انتخاب رئيس جديد بعد إقرار الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وتعليقًا على النتائج شبه النهائية لجولة الإعادة التى ترجح إعلان فوز مرسى قال صباحى: إن الرئيس الجديد سيكون رئيسًا ضعيفًا ولا التفافَ شعبيًّا حقيقيًّا حوله، كما يتبدى من نتائج الانتخابات وتقارب الأصوات بين المرشحين. وأضاف أنه يثق فى أنه جرى تلاعب ما وصفه بالتزوير الناعم فى بعض النتائج لرفع نسبة المشاركة، التى لا يمكن وفقًا للمشاهد والمراقبة لجولة الإعادة، أن تكون أعلى من نسبة المشاركة فى الجولة الأولى.
وأضاف صباحى أن المصريين ومن كانوا فى الميادين فرحوا بأنهم نجحوا فى إسقاط شفيق كى لا تهان الثورة ودماء الشهداء، لكن أغلبهم كانوا يتمنون لو تمكنوا من إسقاط مرسى معه، مؤكدًا على أن المتابع لنتائج الانتخابات البرلمانية، وبعدها انتخابات الرئاسة، يدرك كم خسر الإخوان فى تلك الشهور القليلة، متوقعًا أن يكون البديل الثالث الذى يسعى لتأسيسه منافسًا حقيقيًّا وجادًّا فى الانتخابات المقبلة خاصة إذا أحسن تنظيمه.