كشفت صحيفة الجارديان البريطانية عن أن نشر التحقيقات الخاصة بخداع بريطانيا لمصر فيما يتعلق بتجميد الأموال المنهوبة التي تخص كبار مسئولي النظام السابق في بريطانيا..
تسبب في حرج بالغ لوزراء الحكومة البريطانية الذين أعربوا في السابق عن دعمهم لثورات الربيع العربي وتعهدوا باتخاذ إجراءات حاسمة لتعقب الأموال المنهوبة وإعادتها إلي مصر.
ولفتت الصحيفة إلي أن وزارة الخارجية البريطانية أعلنت أنها تعمل بشكل وثيق مع المسئولين المصريين لملاحقة أصول نظام مبارك, وذلك في ردها علي ما نشر, بينما أعربت وزارة الخزانة التي لديها وحدة خاصة لتنفيذ العقوبات المالية عن تعاملها مع هذا الامر كما ينبغي.
وقال أليستر بيرت وزير الدولة البريطاني للشئون الخارجية: نحن ندرك جيدا الشعور القوي في مصر اتجاه هذه القضية, ونعمل مع السلطات المصرية للكشف عن الأصول التي اعتبرها القضاء المصري منهوبة وتجميدها, ولكنه شدد علي ضرورة أن تتم عملية استعادة الأموال والأصول المسروقة بشكل قانوني, فلا يمكن أن تجرد بريطانيا شخصا من أمواله وممتلكاته وترسلها إلي دولة أخري دون أن يكون مدانا, أو صدور قرار رسمي بمصادرة هذه الممتلكات.
وأضاف بيرت أن بلاده لم يكن باستطاعتها اتخاذ قرار تجميد أي من هذه الأصول بشكل أسرع لمجرد الاشتباه ودون حكم قضائي, كما أن قرارات مثل هذه تتطلب موافقة دول الاتحاد الأوروبي كافة, وهو أمر ضروري.
وقالت الجارديان إن الحكومة المصرية تسعي حاليا نحو رفع دعوي قضائية ضد وزارة الخزانة البريطانية لتقاعسها بشأن استرداد الأصول.
ونقلت الصحيفة عن الدكتور محمد محسوب وزير الدولة للشئون القانونية والنيابية والمحقق العام الذي تولي تحقيقات إعادة الأموال المسروقة في مصر قوله' هذه جريمة جماعية من الحكومتين البريطانية والمصرية, كما أن بريطانيا تعد واحدة من أسوأ الدول عندما يتعلق الأمر بتعقب وتجميد الأصول المصرية.
كما تناقضت طريقة تعامل بريطانيا مع هذه القضية مع طريقة سويسرا التي جمدت أصولا لمبارك وأعوانه في غضون نصف ساعة فقط من تنحيه.
ونقلت بي بي سي عن المدعي العام الفيدرالي في سويسرا مايكل لوبر قوله إن لديه فريقا يضم أكثر من20 محققا يبحثون عن أي أصول يعتقد أنها أموال مصرية.
وأضاف أن قيمة الأصول التي جمدت حتي الآن بلغت نحو700 مليون فرنك سويسري منذ فبراير2011 وكانت آنذاك410 ملايين فرنك, في حين أن قيمة الأموال المصادرة في بريطانيا لم تشهد أي زيادة منذ العام الماضي.
وكان التحقيق الصحفي الذي نشرته صحيفة الجارديان البريطانية أمس قد ذكر أن بريطانيا سمحت لرموز نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك بالاحتفاظ بملايين من الجنيهات الإسترلينية ممثلة في أصول وممتلكات وشركات تجارية مشتبه بها, معتبرة أن هذا يمثل انتهاكا محتملا لمجموعة العقوبات المتوافق عليها عالميا لمساعدة مصر علي استعادة أموالها المنهوبة.
وقالت الصحيفة في تقرير أوردته علي موقعها الإليكتروني إن هذا الوضع يشير بأصابع الاتهام إلي وزراء الحكومة البريطانية الذين ربما فضلوا الاحتفاظ بعلاقة دافئة مع القطاع المالي في الدول العربية علي حساب تحقيق العدالة.
وأضافت أن التحقيقات التي أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي طوال6 أشهر ونشرتها بالتزامن مع' الجارديان' كشفت عن وجود أصول وممتلكات خاصة بمبارك وعائلته ومقربين منه لم تتعرض للمصادرة أو التجميد, شملت منازل فاخرة في منطقتي تشيلسي ونايتس بريدج الراقيتين في لندن, إضافة إلي شركات تجارية تمارس نشاطها حتي مع صدور قرارات تجميد ضد مالكيها منذ عدة أشهر.
ورغم صدور قرار بتجميد أصول بقيمة85 مليون جنيه إسترليني في بريطانيا يملكها مبارك وزوجته سوزان ثابت ونجلاه علاء وجمال, إضافة إلي15 مسئولا آخرين, كشفت تحقيقات الجارديان وبي بي سي عن ممتلكات وأصول لم تدرج ضمن العقوبات.
وتشير بيانات مكتب تسجيل الشركات في بريطانيا, وهي متاحة للاطلاع عليها من قبل العامة, إلي أن نجلاء الجزايرلي زوجة وزير الإسكان الأسبق أحمد المغربي مارست' البيزنس' بشكل معتاد في لندن, حيث تمكنت في نوفمبر2011 من تسجيل شركة باسمها في العاصمة البريطانية علي الرغم من أنها مدرجة علي قائمة المسئولين المستهدفين من العقوبات بعد مرور7 أشهر علي تجميد ممتلكاتها, كما أثبتت وثيقة مشابهة أن شركة' ميدنفيست أسوشييتس' للاستثمارات التي مقرها في لندن وأسسها نجل مبارك الأصغر, جمال, وهي مملوكة لشركة قبرصية أدارها جمال أيضا, واصلت نشاطها حتي فبراير الماضي, إلي أن تنحي جمال عن إدارتها وقررت تصفية أعمالها طواعية, أي بعد مرور11 شهرا علي صدور قرار تجميد الأصول, مما سمح بتحويل أرصدتها إلي الخارج بعيدا عن نطاق التحقيقات الصحفية.
وفي غضون ذلك, لا توجد أي مؤشرات علي أن مكتب تسجيل الأراضي والعقارات في بريطانيا اتخذ قرارا بشأن المنزل الذي كان يقيم فيه جمال مبارك لسنوات عدة ويقع في منطقة ويلتون بالاس في' نايتس بريدج'بوسط لندن, ويقدر ثمنه بنحو8 إلي10 ملايين جنيه إسترليني.
وكان جمال قد سجل عنوان هذا المنزل في الأوراق الرسمية لتسجيل شركة ميدنفيست باعتباره عنوان مراسلاته, وكذلك محل الإقامة عام 2010الذي ظهر في شهادة ميلاد ابنته فريدة.
وعلي الرغم من أن ملكية العقار تعود إلي إحدي الشركات في بنما, فإن العقوبات المفروضة يجب أن تسري علي المنتفع من العقار حتي وإن لم يكن المالك.
الثلاثاء سبتمبر 04, 2012 2:55 pm
